يقول ياليتني قدمت لحياتي فيومئذ لا يعذب عذابه أحد

يقول ياليتني قدمت لحياتي فيومئذ لا يعذب عذابه أحد

تفسير الآية “يقول يا ليتني قدمت لحياتي فيومئذ لا يعذب عذابه أحد” من سورة الفجر يعبر عن شعور عميق بالندم يواجهه الإنسان يوم القيامة بسبب تقصيره في الأعمال الصالحة وإهمال تقديم ما ينفعه في الآخرة. هذا الندم يأتي في لحظة لا يمكن فيها تقديم الأعذار أو إيجاد طريق للنجاة من عذاب الله للمعرضين عن طاعته. الآية تلفت الانتباه إلى أن الندم سيأتي متأخرًا، حيث يتمنى الإنسان لو أنه قدم عملاً صالحًا في دنياه ينفعه في أخراه. كما أن الإشارة إلى “لا يعذب عذابه أحد” تبرز شدة وفرادة عذاب الآخرة مقارنة بأي عذاب دنيوي، مؤكدة على فردية تجربة العذاب في يوم القيامة.

يوم القيامة هو يوم الحساب الذي فيه يتذكر الإنسان أعماله ويتمنى لو استغل وقته في الدنيا بشكل أفضل من خلال فعل الخير وطاعة الله. هذه الآيات تحث الإنسان على الاستفادة من وقته في الدنيا بالقيام بالأعمال الصالحة والتوبة من الذنوب قبل أن يحين وقت لا يفيد فيه الندم.

في تفسير الآية “يقول يا ليتني قدمت لحياتي فيومئذ لا يعذب عذابه أحد” من سورة الفجر، يُشير علماء التفسير إلى الندم الشديد الذي يشعر به الإنسان يوم القيامة بسبب إهماله للعمل الصالح في الدنيا وعدم تقديمه ما ينفعه في الآخرة. هذا الندم يأتي في وقت لا ينفع فيه الندم، حيث يدرك الإنسان أنه لم يقدم ما يكفي من الأعمال الصالحة التي كان يمكن أن تنجيه من عذاب الله.

عدة علماء بارزين وردت أقوالهم في تفسير هذه الآية، مثل ابن كثير، الطبري، والقرطبي، يؤكدون على أهمية الاستعداد ليوم القيامة من خلال الإكثار من الأعمال الصالحة والتقرب إلى الله. يشددون على أن يوم القيامة هو يوم الحساب الذي يتم فيه مجازاة الناس بناءً على أعمالهم في الدنيا، وأن الندم في ذلك اليوم لن يجدي نفعًا.

يُعتبر هذا التفسير بمثابة تذكير للمسلمين بضرورة الإكثار من الأعمال الصالحة والاستغفار والتوبة إلى الله، وعدم تأجيل ذلك إلى وقت قد لا ينفع فيه الندم أو التوبة. كما يُحث المسلمين على الاعتبار بقصص الأمم السابقة التي ذُكرت في القرآن، وكيف أن تجاهلهم للتحذيرات الإلهية أدى بهم إلى الهلاك، وهو ما يُعد تحذيرًا لكل من يعرض عن ذكر الله ويؤخر التوبة والعمل الصالح.

هذه الآيات تعتبر جزءًا من الرسالة القرآنية الكبرى التي تهدف إلى إرشاد الإنسان نحو الخير وتحذيره من عواقب الإعراض عن طاعة الله والغفلة عن الاستعداد للآخرة.

العبرة من تفسير الآية “يقول يا ليتني قدمت لحياتي فيومئذ لا يعذب عذابه أحد”، والتي تعكس شعور الندم العميق لدى الإنسان يوم القيامة بسبب تقصيره في الأعمال الصالحة، ترسخ أهمية الإعداد للآخرة بطريقة فعالة ومدروسة. هذا الإعداد لا يقتصر على أداء العبادات الظاهرة فقط، بل يتعداها إلى تزكية النفس والعمل على تحسين الأخلاق والسلوكيات والتوبة الصادقة من الذنوب.

الأعمال الصالحة تشمل مجموعة واسعة من الأفعال كالصلاة والصيام والزكاة والحج، بالإضافة إلى الأعمال التي تسهم في رفاهية المجتمع كإطعام الفقير، مساعدة المحتاجين، نشر العلم، والدعوة إلى الخير. كما أن الصدق، الأمانة، الصبر، والعفو عند المقدرة، كلها صفات يجب أن يتحلى بها المؤمن استعداداً ليوم القيامة.

التوبة النصوحة تعتبر ركيزة أساسية في هذا الإعداد، حيث ينبغي على الإنسان أن يستشعر حقيقة أنه معرض للخطأ والزلل، ولكن الأهم هو العودة إلى الله بقلب صادق ونية خالصة للتوبة من الذنوب والمعاصي.

في هذا السياق، يبرز دور العلماء والمفسرين في توجيه المؤمنين وتذكيرهم بضرورة الاستعداد الجيد للآخرة من خلال تقديم النصح والإرشاد والتفسير الصحيح لآيات القرآن الكريم التي تحث على العمل الصالح والتقوى والتوبة.

هذه الآية وتفسيرها تُعد دعوة للتأمل والتفكير في حال الإنسان ومصيره الأخروي، مما يحفز على العمل الصالح والإقبال على الله بقلب خاشع ونفس مطمئنة، مستشعرين أهمية كل لحظة تمر في حياتنا وكيف يمكن أن تكون سببًا في نجاتنا أو هلاكنا في الآخرة.