من هم الروم؟

من هم الروم؟ الروم أسسوا إمبراطورية عظيمة امتدت من 27 ق.م حتى 1453 م، مؤثرين بشكل كبير على القانون، الهندسة، الأدب، والفنون عبر التاريخ.

الروم، أو الرومان، هم مجموعة من الشعوب التي أسست واحدة من أعظم الإمبراطوريات في التاريخ البشري. امتدت إمبراطوريتهم من 27 قبل الميلاد حتى 1453 بعد الميلاد، متضمنة فترة من التحولات الاجتماعية والسياسية الهائلة. لفهم عمق تأثير هذه الإمبراطورية وأصولها وتطورها، سنستعرض بشكل مفصل وشامل الأسس التاريخية التي قامت عليها، والأحداث الكبرى التي شكلت مسارها، والإسهامات الحضارية التي خلفتها.

من هم الروم؟

أصول الروم

تعود أصول الروم إلى أسطورة تأسيس روما في 753 قبل الميلاد من قبل رومولوس وريموس، التوأمين اللذين تربيا على يد ذئبة. وفقًا للأسطورة، كان رومولوس أول ملك لروما، وأسهم في تأسيس العديد من المؤسسات السياسية والعسكرية والاجتماعية في المدينة. رغم أن هذه القصص قد تكون خيالية ومبنية على أساطير محلية، فإن الحقيقة أن روما نشأت كقرية صغيرة في وسط إيطاليا، بالقرب من نهر التيبر. مع مرور الوقت، اندمجت هذه القرية مع المجتمعات المجاورة لتشكل مدينة-دولة قوية. خلال القرون الأولى من وجودها، تطورت روما من ملكية إلى جمهورية في 509 قبل الميلاد، حيث بدأ الحكم يتركز في يد مجلس الشيوخ الروماني.

تأسيس روما

وفقًا للأساطير، تأسيس روما بدأ مع رومولوس وريموس، التوأمين اللذين تم إرضاعهما من قبل ذئبة بعد أن تم التخلي عنهما على ضفاف نهر التيبر. هذه القصة الرمزية تعكس الطابع الشجاع والقوي للرومانيين. رومولوس، الذي أصبح أول ملك لروما، وضع الأسس الأولى لنظام الحكم الملكي وأسس أول جيش رومي. التحولات الاجتماعية والاقتصادية التي شهدتها روما خلال فترة حكم رومولوس أسهمت بشكل كبير في بناء قاعدة صلبة لمدينة روما. هذا النظام الملكي شهد تطورات متلاحقة قادت في نهاية المطاف إلى تشكيل الجمهورية الرومانية.

التحول إلى الجمهورية

مع تطور المجتمع الروماني وزيادة تعقيد العلاقات الاجتماعية والاقتصادية، نشأت الحاجة إلى نظام حكم جديد. في 509 قبل الميلاد، تم الإطاحة بالملك الأخير، تاركوينيوس سوبيربوس، وتم تأسيس الجمهورية الرومانية. هذا التحول كان نتيجة للثورات الاجتماعية والسياسية التي قادها الأرستقراطيون الرومانيون الذين سعوا إلى تقليص السلطة الملكية وتوزيعها بين مجموعة من النبلاء والمجالس الشعبية. الجمهورية كانت تميزت بنظام سياسي معقد يشمل توزيع السلطة بين مجلس الشيوخ، المجالس الشعبية، والقناصل المنتخبين. هذا النظام المتوازن أتاح لرومة الاستقرار السياسي والتوسع العسكري.

الجمهورية الرومانية

كانت الجمهورية الرومانية نظامًا سياسيًا فريدًا من نوعه، حيث كانت السلطة تتوزع بين مجلس الشيوخ والمجالس الشعبية. هذه الفترة شهدت العديد من الحروب والصراعات التي أدت إلى توسع الأراضي الرومانية. الحروب البونية ضد قرطاج كانت أحد أهم هذه الصراعات، والتي انتهت بانتصار روما وفرض سيطرتها على البحر المتوسط.

هيكل الجمهورية

كان نظام الحكم في الجمهورية يعتمد على توزيع السلطة بين عدة مؤسسات. مجلس الشيوخ كان يتألف من الأرستقراطيين الرومانيين وكان يمتلك السلطة التشريعية. بالإضافة إلى مجلس الشيوخ، كانت هناك المجالس الشعبية التي تمثل عامة الشعب وكانت تمتلك صلاحيات انتخابية وتشريعية. هذا النظام المعقد ساعد في تحقيق التوازن بين مختلف القوى السياسية والاجتماعية في الدولة. من الناحية القانونية، كانت الجمهورية تعتمد على مجموعة من القوانين المكتوبة المعروفة بقوانين الألواح الإثنى عشر، والتي أصبحت أساس النظام القانوني الروماني.

الحروب البونية

كانت الحروب البونية ثلاثة حروب رئيسية بين روما وقرطاج، أولها في 264-241 قبل الميلاد، والثانية في 218-201 قبل الميلاد، والثالثة في 149-146 قبل الميلاد. أسفرت هذه الحروب عن هيمنة روما الكاملة على غرب البحر المتوسط. الحرب الثانية كانت الأبرز، حيث شهدت المواجهة بين القائد القرطاجي حنبعل وجيوش روما، والتي انتهت بانتصار روماني حاسم في معركة زاما. هذه الحروب لم تكن مجرد صراعات عسكرية، بل كانت أيضًا مواجهات ثقافية واقتصادية ساهمت في تشكيل ملامح الإمبراطورية الرومانية المستقبلية.

التوسع شرقًا

بعد نهاية الحروب البونية، بدأت روما في التوسع شرقًا، مستفيدة من ضعف الممالك الهلنستية بعد وفاة الإسكندر الأكبر. هذا التوسع عزز مكانة روما كقوة عظمى في العالم القديم. تم ضم العديد من الممالك الهلنستية مثل مقدونيا واليونان وآسيا الصغرى إلى الإمبراطورية الرومانية، مما جعل روما تتحكم في معظم حوض البحر المتوسط. التوسع الشرقي لم يكن فقط عسكريًا، بل كان أيضًا اقتصاديًا وثقافيًا، حيث أصبحت روما مركزًا لتبادل الأفكار والتجارة بين الشرق والغرب.

الإمبراطورية الرومانية

بدأت الإمبراطورية الرومانية فعليًا بعد اغتيال يوليوس قيصر في 44 قبل الميلاد وصعود أوغسطس كأول إمبراطور لروما في 27 قبل الميلاد. تحت حكم أوغسطس، شهدت روما فترة من السلام والازدهار تعرف باسم “السلام الروماني” أو “باكس رومانا”، والتي استمرت لحوالي 200 عام.

حكم أوغسطس

تحت حكم أوغسطس، تم إصلاح النظام السياسي بحيث يبدو وكأنه استعادة للجمهورية بينما كانت السلطة الحقيقية مركزة في يديه. هذا النظام السياسي المعروف بـ “الأميروبية” ظل قائماً حتى نهاية الإمبراطورية. أوغسطس قام بإصلاحات شاملة في النظام الإداري والقضائي والمالي، مما ساهم في استقرار الإمبراطورية وتعزيز قوتها. كانت فترة حكم أوغسطس فترة ذهبية شهدت تطورًا كبيرًا في المجالات الثقافية والفنية، حيث ازدهرت الفنون والأدب والهندسة المعمارية.

فترة السلام الروماني

خلال هذه الفترة، توسعت الإمبراطورية لتشمل معظم أوروبا الغربية، وشمال أفريقيا، والشرق الأوسط. كانت روما مركزًا حضاريًا هامًا، حيث ازدهرت الفنون والعلوم والفلسفة. من أبرز إنجازات هذه الفترة كان بناء العديد من المباني الأثرية مثل الكولوسيوم والبانثيون. السلام الروماني أتاح للإمبراطورية استقرارًا طويل الأمد، مما ساعد على تعزيز النمو الاقتصادي والتبادل الثقافي بين مختلف أقاليم الإمبراطورية.

التوسع والتأثير الثقافي

امتدت الإمبراطورية الرومانية على مساحات شاسعة من الأراضي، من بريطانيا في الشمال إلى مصر في الجنوب، ومن إسبانيا في الغرب إلى العراق في الشرق. هذا التوسع الهائل سمح بانتشار الثقافة الرومانية، بما في ذلك اللغة اللاتينية، والهندسة المعمارية، والنظم القانونية، والعادات الاجتماعية. الطرق الرومانية التي تمتد عبر الإمبراطورية ساهمت في تعزيز التجارة والتواصل بين مختلف الأقاليم. الطرق والجسور والقنوات المائية التي بناها الرومان أصبحت نموذجًا يحتذى به في الهندسة والبناء.

تراجع وسقوط الإمبراطورية

على الرغم من قوتها وعظمتها، بدأت الإمبراطورية الرومانية في التراجع مع بداية القرن الثالث الميلادي. كانت الأسباب متعددة ومعقدة، تتراوح بين الأزمات الاقتصادية، والاضطرابات السياسية، والهجمات من القبائل البربرية.

الأزمات الاقتصادية

واجهت الإمبراطورية الرومانية أزمات اقتصادية حادة، منها التضخم النقدي الناتج عن خفض قيمة العملة، وزيادة الأعباء الضريبية على المواطنين، وتدهور الإنتاج الزراعي. هذه الأزمات الاقتصادية أضعفت الإمبراطورية وأدت إلى تدهور مستوى المعيشة وانتشار الفقر والجوع. الأزمات الاقتصادية كانت نتيجة لتراجع النشاط التجاري، وزيادة التكاليف العسكرية، وضعف الإدارة المالية، مما أدى إلى تدهور الاقتصاد الروماني بشكل ملحوظ.

الاضطرابات السياسية

الاضطرابات السياسية تمثلت في الصراعات الداخلية على السلطة بين الأباطرة وقادة الجيش، مما أدى إلى عدم الاستقرار السياسي. هذه الصراعات أسفرت عن مقتل العديد من الأباطرة وتغيير الحكومات بشكل مستمر، مما أضعف السلطة المركزية وزاد من الفوضى. التنازع على العرش بين القادة العسكريين والأباطرة أدى إلى فترات من الفوضى والحروب الأهلية التي أضعفت الإمبراطورية بشكل كبير.

الهجمات البربرية

الهجمات البربرية كانت أحد الأسباب الرئيسية لسقوط الإمبراطورية. القبائل الجرمانية مثل القوط والوندال شنوا هجمات متكررة على الحدود الرومانية، مما أدى إلى انهيار الدفاعات الحدودية وسقوط العديد من الأقاليم الرومانية في أيديهم. سقوط روما نفسها في يد القوط الغربيين في 410 ميلادية كان بمثابة ضربة قاضية.

الجمهورية الرومانية

كانت الجمهورية الرومانية نظامًا سياسيًا فريدًا من نوعه، حيث كانت السلطة تتوزع بين مجلس الشيوخ والمجالس الشعبية. هذه الفترة شهدت العديد من الحروب والصراعات التي أدت إلى توسع الأراضي الرومانية. الحروب البونية ضد قرطاج كانت أحد أهم هذه الصراعات، والتي انتهت بانتصار روما وفرض سيطرتها على البحر المتوسط.

هيكل الجمهورية

كان نظام الحكم في الجمهورية يعتمد على توزيع السلطة بين عدة مؤسسات. مجلس الشيوخ كان يتألف من الأرستقراطيين الرومانيين وكان يمتلك السلطة التشريعية. بالإضافة إلى مجلس الشيوخ، كانت هناك المجالس الشعبية التي تمثل عامة الشعب وكانت تمتلك صلاحيات انتخابية وتشريعية. هذا النظام المعقد ساعد في تحقيق التوازن بين مختلف القوى السياسية والاجتماعية في الدولة. من الناحية القانونية، كانت الجمهورية تعتمد على مجموعة من القوانين المكتوبة المعروفة بقوانين الألواح الإثنى عشر، والتي أصبحت أساس النظام القانوني الروماني.

المؤسسات الجمهورية:

كانت الجمهورية تعتمد على ثلاثة مؤسسات رئيسية: القناصل، مجلس الشيوخ، والمجالس الشعبية. القناصل كانوا يمثلون السلطة التنفيذية، حيث يتم انتخاب اثنين منهم سنويًا. مجلس الشيوخ كان يمثل الأرستقراطية الرومانية ويعتبر السلطة التشريعية العليا. المجالس الشعبية كانت تمثل عامة الشعب وكان لها دور في انتخاب القناصل وتمرير القوانين. هذا التوزيع المتوازن للسلطات ساهم في استقرار النظام الجمهوري وتعزيز شرعيته بين مختلف الفئات الاجتماعية.

التطور الثقافي والعلمي في الجمهورية

الفلسفة والعلوم

الفلسفة والعلوم كانت جزءًا أساسيًا من الحياة الرومانية خلال فترة الجمهورية. الرومان تأثروا بشكل كبير بالفلسفة اليونانية، حيث تبنوا العديد من أفكار الفلاسفة اليونانيين مثل أفلاطون وأرسطو. الفلسفة الرواقية، التي تأسست في اليونان، أصبحت شائعة بين الرومان، وكانت تركز على الفضيلة والأخلاق.

الهندسة والعمارة

الهندسة الرومانية شهدت تطورًا كبيرًا خلال فترة الجمهورية، حيث تم بناء العديد من المنشآت الهامة مثل الطرق والجسور والقنوات المائية. كانت الطرق الرومانية، التي بنيت باستخدام تقنيات هندسية متقدمة، تعتبر من أفضل الطرق في العالم القديم وساهمت في تسهيل الحركة التجارية والعسكرية.

القانون

القانون الروماني كان من أهم إسهامات الجمهورية، حيث تم تطوير نظام قانوني شامل يعتمد على مجموعة من القوانين المكتوبة. قوانين الألواح الإثنى عشر كانت تمثل الأساس القانوني للجمهورية وساهمت في تحقيق العدالة والمساواة بين المواطنين. هذا النظام القانوني أصبح مرجعًا للعديد من الأنظمة القانونية الحديثة في أوروبا وأمريكا اللاتينية.

سقوط الجمهورية وظهور الإمبراطورية

الأزمات الداخلية:

شهدت الجمهورية الرومانية في أواخر عهدها العديد من الأزمات الداخلية التي ساهمت في سقوطها. الصراعات بين الفئات الاجتماعية المختلفة، خاصة بين الأرستقراطيين والعامة، أدت إلى زيادة التوترات السياسية والاجتماعية. الإصلاحات الزراعية التي اقترحها الأخوان غراكوس كانت تهدف إلى تحسين أوضاع الفلاحين، لكنها واجهت معارضة شديدة من الأرستقراطيين وأدت إلى اندلاع حروب أهلية.

الحروب الأهلية:

الحروب الأهلية كانت من أبرز الأسباب التي أدت إلى سقوط الجمهورية. الصراع بين يوليوس قيصر وبومبي كان من أهم هذه الحروب، حيث انتهى بانتصار قيصر وتوليه السلطة المطلقة. اغتيال قيصر في 44 قبل الميلاد أدى إلى المزيد من الصراعات، حيث اندلعت حرب أهلية جديدة بين أنصار قيصر وأعدائه. هذه الحروب الأهلية أسفرت عن سقوط الجمهورية وظهور الإمبراطورية بقيادة أوغسطس.

الإمبراطورية الرومانية

بدأت الإمبراطورية الرومانية فعليًا بعد اغتيال يوليوس قيصر في 44 قبل الميلاد وصعود أوغسطس كأول إمبراطور لروما في 27 قبل الميلاد. تحت حكم أوغسطس، شهدت روما فترة من السلام والازدهار تعرف باسم “السلام الروماني” أو “باكس رومانا”، والتي استمرت لحوالي 200 عام.

نظام الحكم في الإمبراطورية

نظام الحكم في الإمبراطورية الرومانية كان يعتمد على المركزية القوية، حيث كان الإمبراطور يتمتع بسلطات مطلقة. الأباطرة كانوا يعتبرون أنفسهم خلفاء للآلهة وكان يتم تقديسهم من قبل الشعب. الإمبراطورية كانت تعتمد على نظام إداري متطور يشمل حكام الأقاليم والجيش القوي. هذا النظام ساهم في تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي وتعزيز قوة الإمبراطورية.

الإصلاحات الإدارية

الإصلاحات الإدارية التي أدخلها أوغسطس كانت تهدف إلى تعزيز الكفاءة والشفافية في إدارة الإمبراطورية. تم تقسيم الإمبراطورية إلى وحدات إدارية صغيرة تحت إشراف حكام محليين، مما ساعد في تحسين إدارة الأقاليم وتعزيز سيطرة الإمبراطور على مختلف أنحاء الإمبراطورية.

الاقتصاد والتجارة

الاقتصاد الروماني كان يعتمد بشكل كبير على التجارة والزراعة. الإمبراطورية كانت تتمتع بشبكة طرق متطورة وموانئ بحرية تسهل حركة التجارة بين مختلف الأقاليم. التجارة البحرية كانت تلعب دورًا هامًا في استيراد وتصدير البضائع، مما ساهم في تعزيز الاقتصاد الروماني. الإمبراطورية كانت تنتج مجموعة واسعة من المنتجات الزراعية والصناعية التي كانت تصدر إلى مختلف أنحاء العالم.

التوسع والتأثير الثقافي

امتدت الإمبراطورية الرومانية على مساحات شاسعة من الأراضي، من بريطانيا في الشمال إلى مصر في الجنوب، ومن إسبانيا في الغرب إلى العراق في الشرق. هذا التوسع الهائل سمح بانتشار الثقافة الرومانية، بما في ذلك اللغة اللاتينية، والهندسة المعمارية، والنظم القانونية، والعادات الاجتماعية. الطرق الرومانية التي تمتد عبر الإمبراطورية ساهمت في تعزيز التجارة والتواصل بين مختلف الأقاليم. الطرق والجسور والقنوات المائية التي بناها الرومان أصبحت نموذجًا يحتذى به في الهندسة والبناء.

الهندسة المعمارية:

الهندسة المعمارية الرومانية كانت تتميز بالابتكار واستخدام تقنيات متقدمة. الرومان طوروا استخدام الخرسانة في البناء، مما سمح لهم ببناء منشآت ضخمة ومستدامة. الأقواس والقباب التي استخدمها الرومان في بناء المدرجات والمعابد كانت تمثل قمة الابتكار الهندسي. الكولوسيوم، الذي بني في عهد الإمبراطور فسبازيان، يعتبر من أبرز المعالم الهندسية الرومانية التي تعكس عظمة الإمبراطورية.

الثقافة والفنون:

الثقافة والفنون الرومانية كانت مستوحاة بشكل كبير من الثقافة اليونانية، لكن الرومان أضافوا لمساتهم الخاصة وطوروا أساليب جديدة. الأدب الروماني شهد ازدهارًا كبيرًا، حيث كتب العديد من الأدباء والشعراء أعمالًا خالدة مثل فيرجيل وهوراس وأوفيد. الفنون التشكيلية مثل النحت والفسيفساء كانت تعكس الروح الرومانية وتعبر عن القيم والأخلاق التي كانت تميز المجتمع الروماني.

تراجع وسقوط الإمبراطورية

على الرغم من قوتها وعظمتها، بدأت الإمبراطورية الرومانية في التراجع مع بداية القرن الثالث الميلادي. كانت الأسباب متعددة ومعقدة، تتراوح بين الأزمات الاقتصادية، والاضطرابات السياسية، والهجمات من القبائل البربرية.

الأزمات الاقتصادية:

واجهت الإمبراطورية الرومانية أزمات اقتصادية حادة، منها التضخم النقدي الناتج عن خفض قيمة العملة، وزيادة الأعباء الضريبية على المواطنين، وتدهور الإنتاج الزراعي. هذه الأزمات الاقتصادية أضعفت الإمبراطورية وأدت إلى تدهور مستوى المعيشة وانتشار الفقر والجوع. الأزمات الاقتصادية كانت نتيجة لتراجع النشاط التجاري، وزيادة التكاليف العسكرية، وضعف الإدارة المالية، مما أدى إلى تدهور الاقتصاد الروماني بشكل ملحوظ.

الاضطرابات السياسية:

الاضطرابات السياسية تمثلت في الصراعات الداخلية على السلطة بين الأباطرة وقادة الجيش، مما أدى إلى عدم الاستقرار السياسي. هذه الصراعات أسفرت عن مقتل العديد من الأباطرة وتغيير الحكومات بشكل مستمر، مما أضعف السلطة المركزية وزاد من الفوضى. التنازع على العرش بين القادة العسكريين والأباطرة أدى إلى فترات من الفوضى والحروب الأهلية التي أضعفت الإمبراطورية بشكل كبير.

الهجمات البربرية:

الهجمات البربرية كانت أحد الأسباب الرئيسية لسقوط الإمبراطورية. القبائل الجرمانية مثل القوط والوندال شنوا هجمات متكررة على الحدود الرومانية، مما أدى إلى انهيار الدفاعات الحدودية وسقوط العديد من الأقاليم الرومانية في أيديهم. سقوط روما نفسها في يد القوط الغربيين في 410 ميلادية كان بمثابة ضربة قاضية للإمبراطورية.

تقسيم الإمبراطورية:

في محاولة لإدارة الإمبراطورية الشاسعة بشكل

الإمبراطورية الرومانية

تقسيم الإمبراطورية:

في محاولة لإدارة الإمبراطورية الشاسعة بشكل أكثر فعالية، قام الإمبراطور ديوكلتيان بتقسيم الإمبراطورية إلى نصفين: الإمبراطورية الغربية والإمبراطورية الشرقية في عام 285 ميلادية. ديوكلتيان قام بتعيين مساعد له، ماكسيميان، كإمبراطور مشارك لحكم الجزء الغربي من الإمبراطورية، بينما حكم هو الجزء الشرقي. هذا التقسيم كان يهدف إلى تسهيل الإدارة وتقليل الضغط على الحكومة المركزية. بالإضافة إلى ذلك، تم إنشاء نظام تترارشي، حيث يتم تعيين أربعة أباطرة ليتقاسموا السلطة، وهو ما ساعد في تحقيق استقرار مؤقت.

صعود المسيحية:

من التحولات الهامة في الإمبراطورية الرومانية كان صعود المسيحية كدين رسمي. الإمبراطور قسطنطين الأول، بعد انتصاره في معركة جسر ميلفيا في 312 ميلادية، أصدر مرسوم ميلانو الذي أعلن فيه التسامح الديني وحرية العبادة للمسيحيين. بعد ذلك، تم عقد مجمع نيقية الأول في 325 ميلادية، حيث تم تقنين العديد من المبادئ العقائدية المسيحية. قسطنطين أسس أيضًا مدينة القسطنطينية (إسطنبول الحالية) كعاصمة جديدة للإمبراطورية الشرقية، مما عزز من مكانة الإمبراطورية الشرقية واستقلالها.

سقوط الإمبراطورية الغربية:

سقوط الإمبراطورية الغربية في 476 ميلادية كان نتيجة لعوامل متعددة. الأزمات الاقتصادية المستمرة، الاضطرابات السياسية، والضغط المستمر من القبائل البربرية كلها عوامل أسهمت في هذا السقوط. آخر إمبراطور روماني غربي، رومولوس أوغستولوس، تم خلعه من قبل زعيم الجرمان، أودواكر، الذي أعلن نفسه ملكًا لإيطاليا، مما أنهى فترة الحكم الروماني في الغرب.

الأزمات المالية:

الأزمات المالية كانت من أكبر التحديات التي واجهت الإمبراطورية في نهايتها. التضخم الناتج عن خفض قيمة العملة، وزيادة الضرائب، والفساد الإداري أضعف الاقتصاد بشكل كبير. تراجع الإنتاج الزراعي وزيادة الاعتماد على الواردات أضاف إلى هذه الأزمات. بالإضافة إلى ذلك، تم إنفاق مبالغ هائلة على الجيش والدفاع ضد الغزوات البربرية، مما زاد من العبء المالي على الدولة.

الحروب الأهلية:

الحروب الأهلية المتكررة بين الفصائل المختلفة داخل الإمبراطورية أضعفت البنية السياسية وأدت إلى تدهور النظام الحاكم. الصراع على السلطة بين الأباطرة وقادة الجيش أسفر عن سلسلة من الانقلابات والاغتيالات، مما أدى إلى عدم استقرار مستمر في الحكومة المركزية. هذا الاضطراب الداخلي جعل الإمبراطورية أكثر عرضة للهجمات الخارجية وفقدان السيطرة على الأراضي.

الإمبراطورية البيزنطية (الإمبراطورية الشرقية):

بعد سقوط الإمبراطورية الغربية، استمرت الإمبراطورية الشرقية، المعروفة أيضًا بالإمبراطورية البيزنطية، في الازدهار لمدة ألف عام إضافية. القسطنطينية أصبحت مركزًا ثقافيًا وتجاريًا ودينيًا هامًا. البيزنطيون حافظوا على الكثير من التراث الروماني وأضافوا إليه تأثيرات شرقية وإسلامية بعد الفتح الإسلامي.

التأثير الثقافي والديني:

الإمبراطورية البيزنطية لعبت دورًا محوريًا في نشر المسيحية الأرثوذكسية وتطوير الفن والعمارة البيزنطية. الكاتدرائية الشهيرة آيا صوفيا في القسطنطينية تعتبر واحدة من أبرز المعالم الأثرية البيزنطية. البيزنطيون كانوا أيضًا مهمين في الحفاظ على النصوص الكلاسيكية اليونانية والرومانية ونقلها إلى العالم الإسلامي ومن ثم إلى أوروبا خلال العصور الوسطى.

الروم، أو الرومان، كانوا أكثر من مجرد شعب أو دولة؛ كانوا حضارة عظيمة أثرت بعمق في تطور الإنسانية. من أساطير تأسيسهم إلى سقوطهم، تظل قصة الروم واحدة من أكثر الفصول إثارة وإلهامًا في تاريخ البشرية. تعد إسهاماتهم في القانون، الهندسة، الأدب، والفنون، إرثًا خالدًا يظل مؤثرًا حتى يومنا هذا. الإمبراطورية الرومانية شكلت الأساس للعديد من الأنظمة السياسية والاجتماعية التي نعرفها اليوم، وتركت بصمة لا تُمحى في تاريخ الحضارات.